مدخل : هل أصبح الكون سريعًا لدرجة أننا لا نستطيع الرد بكلمة واحدة بدلًا من ذاك القلب المكون من (ضغطتان)

أن الرد بكلمة أو جملة كاملة أصبح أمر مبالغ فيه، مع بداية إنتشار التواصل الإلكتروني كنت أعتقد أن التعبير بمسج نظراً لطبيعته الجافة يستلزم بعض اللمسات الجمالية كـ كلمة مصحوبة بوردة أو قلب. فكنت دائماً أعمد الي الرد المطول على أي حديث إلكتروني، لكي أشعر الطرف الآخر بأهمية ما يقوله وأني بكامل انصاتي له. أن بعض الأمور التى يجب إلتفات لها حين نحادث أحدهم أن لا نترك المكان ونرحل ومن ثم نعود لنكمل باقي الحديث. صدقوني لن ينهار الكون أن تحدثتم بلباقة حتى في منصات التواصل الهمجي.

لقد أصبحت هذه المنصات جزء لا يتجزء من يومنا سواء اعتبرناها أمر بسيط كما في السابق أو أمر جلل. في السابق كانت مجرد اضافة بسيطة على حياة أحدنا كوسيلة إضافية نستخدمها لنصل الي مجموعات التعارف التى لا نتواصل معها بشكل يومي. لكنها مع الوقت أصبحت أساس التواصل سواء مع القريبين أو مع أولئلك المتواجدين في الطرف الأخر من كوكب الأرض. ولنعترف أنها أصبحت أساس التواصل الذي نعيشه الآن أن جميع الأجيال التى تعيش يومنا هذا تتواصل عن طريق المنصات الاجتماعية بدءاً من تطبيق الواتس أب وانتهاءاً بالسناب.

فلا يمكننا إلا أن نسلط الضوء على بعض النقاط التي من شأنها أن ترفع من شأن آداب التواصل.

نحن لسنا متلقين فقط ..

أن البعض في هذه المنصات يعتبرأن الطريقة الوحيدة للتواصل هي عرض الحياة التى يعيشها، ولكن الأمر ليس كذلك أن الهدف لإنشاء منصة السناب شات على سبيل المثال هي للمشاركة، مشاركة يومك مع الأشخاص القريبين منك ، فأنت لست شخصية مشهورة لتكون قناة بث فقط. إن ما تعرضه ليس أخبار دولية أو صور حصرية أنها حياتك التى تعيشها يومياً. وهي ليست حدث نادر الحدوث وليس أمر مميز إلا في حياة هولاء الأشخاص الذين استقطعوا جزءاً من يومهم لمتابعة اخبارك ( ليس للمتعة ولكن بهدف التواصل ومعرفة أحوالك ) ونقصد بالمشاركة أن تعرض يومك وتتوقع من الأخريين التعليق ومن ثم الرد على تعليقاتهم بشكل ايجابي وليس عن طريق ستيكر صامت. تعلم أن تتحدث وتعقب بدلاً من أن تتلبس ملابس الشخصية المشهورة في محيطك.

التعليق ليس إلزاماً ولكنه لطف

حين يفتح لك أحدهم باب على حياته ويومياته فأن أقل ما تفعله أن تعلق وأن تثري حياته بأهتمامك. لاحظت في الفترة الأخيرة أن البعض من شدة تعلقه بجدول البث الخاص بقناته الفريدة أنه لا يكلف نفسه التعليق على صورة أحدهم في المستشفى ، أو للمباركة على ترقية أو تخرج. وهذا الأمر له أثره الغير محبب في المستقبل فهو من شأنه أن يجعل من فرصة زيارة المريض في المستشفى أمر مبالغ فيه. أنني أخاف وبشدة من وقع ما يحدث اليوم على مستقبل التواصل.وصلنا لمرحلة في حياتنا أصبح التعليق فيها على صورة أو قصة وكأنه نهاية العالم، وكأننا بذلك نخبر الجميع بأننا لم نعد مهتمين بالمادة التى تعرضها. أن المادة التى يتم عرضها ليست قناة تجارية ، أنها حياة ويوميات أحدهم ، وليس فقط أحدهم أنه صديق قريب شخص نتبادل معه الأحاديث والقصص، وقد نكون نراه ونحادثه بشكل شبه يومي ومع ذلك نتجاهله في هذه المنصة أوتلك. لقد أصبح التعليق على صورة أحدهم وكأنه حمل باقة ورد كبيرة الحجم من منزلك لمنزله. لقد أصبحت الكلمات عنصراً غالياً ومن شأنها أن تصبح السلعة الأكثر غلاءاً في المستقبل.

إضاءة : أن ما يبقى أثره في الآخرين ليس جمال الشكل، أو ما ترتديه من ملابس. أن مايبقى هو حديثك، أسلوبك و احتوائك لمشاعرهم.