ما يجعلنا نشعر بمعطيات الحياة بشكل مختلف في كل مرة هو طريقة استجابتنا والكيفية التى نستجيب بها، فبعض المفاهيم يمكن تسطيرها في عدد محدود من الكلمات. في جملة أو جملتين ولكنها لا تصل ، لا تعشعش في الذات ولا نصل إلى الرغبة في ادراكها إلا حين يتم تمثيلها لنا في قصة. أو شرحها في جملة كتاب. بعض الكتب تتكون ومن ٢٠٠ صفحة والأخر من ٦٠٠ وما يزيد. لا يختلف الأمر بين الحجم والفكرة المراد ايصالها، الاختلاف نجده يبرز في طريقة السرد، في الرغبة في تقمص الشخصية الرئيسية وتحريكها، الصياح عليها لتفادي الخطاء الذي قد تقع فيه. نحن من خلال السرد نُسحب من الواقع ويتم القذف بنا بواسطة السرد والوصف الدقيق للأماكن إما في المنزل إو مقر العمل، في الحديقة أو على ضفاف نهر، في المكان واللامكان، نستشعر انسانيتنا بطريقة مختلفة قد تكون في أحيان كثيرة صامتة ولكنها بلا شك تبدو حقيقية.
القصة التى نقرأها لا تصل لنا من منظور سطحي، بل تتكون من عدد من طبقات استشعارية، بدءاً من الذات الواعية، انتقالاً للتفكير، والنفس، و تراتبيات الأفكار، وانتهائاً باللاوعي. كلها مراحل تمر بها الشخصية الواحدة وهو أمر لا نجده في أي تعبير آخر للفن. بل أن الأمور قد تتطور لنستشعر أكثر من شخصية في قصة واحدة، حينها لا يمثل لنا الواقع إلا انعكاس لما نشعر به في الرواية والفكرة والحبكة.
إن القراءة تجعلنا نعيش الحياة بشكل مختلف، هل تخيلت يوماً أن ترى الأشخاص كأنهم في مسرحية من الدمى، أن الشعور المكثف الذي تمنحنا اياه القصة تجعلك تعيش الحياة الواقعية بكثافة أكبر وذلك لأننا نعيش القصة ونراها أحياناً أمامنا في موقف أو كلمة. كما أننا أحياناً قد نتنباء بما قد يحدث مما يمنحنا بصيرة وإدراك أكبر لما يدور حولنا. كما قال هاروكي موراكامي ” تذكري الأشياء ليست كما تبدو عليه ” ” لا تدعي المظاهر تخدعك دائماً هنالك حقيقة واحدة “
بدأ هاروكي أحدى رواياته الاكثر شهرة* بإثارة مستبقة، واقعية ومن الضروري إدراكها. مهما اختلفت المتغيرات والتأويلات لأي أمر فهنالك “حقيقة واحدة” واضحة لا تقبل الشك أو القسمة. لذا لا تدعوا الأمور تخدعكم في ظاهرها. ولكن لكل أمر العديد من التأويلات ولا يمكننا أن ندرك هذه التأويلات لولا النظر للأمور من زوايا مختلفة، وهي ما تفعله بعض القصص، تجعلك ترى بأكثر من عين وعقل.
تعد الكتب الوثيق الأكثر شمولية للتأريخ، التراث والشعوب بمختلف عاداتها وتقاليدها.
*IQ84
IQ22 