التصنيفات
الحياة

الهروب العظيم

كلنا بلا أي استثناء في مرحلة ما من مراحل حياتنا هربنا من الظلام للنور، كلنا كنا نبحث عن تلك القشة التى تنقلنا الي الضفة الآخرى من النهر. بالرغم من عدم معرفتنا بما هو عليه الوضع في الجهة الآخرى، إلا أن خيالنا وما يتمتع به من نعمة ربانية شكل لنا الضفة الثانية كنوع من الخلاص. من الحياة الجميلة. فالرغبة البشرية بالحياة لها قدرة عجيبة في تشكيل الأمور لتكون أنعكاس لرغباتنا.

لا يستطيع قلمي أو فكري عدم الخوض في مشكلة منتشرة في مجتمعنا، وهي هروب الفتيات من منازلهم الى الضفة الآخرى من بلاد الغرب. لا يمكنني أن أتصور أمر من شأنه أن يحل تماسك الأسرة والعائلة والقبيلة والدولة كما قد يفعل هذا الأمر. نحن على شفا مرحلة تسويقية لبطولة كبرى نتمنى من خلالها أن يتواجد أكثر من مليون ونصف المليون من جميع الأعراق والخلفيات الثقافية والتوجهات السياسية و الدينية. وفي نفس الوقت نسعى إلى أن تبقى البنت في منزلها تتمتع بنفس أنواع الحرمان والكبت الذي تمتعت به جدتها وأمها من قبلها!

نسعى للتماسك بالرغم من أن الجميع أصبح يسعى الي وجهته الخاصة خارج إطار العائلة، أصبح الأب والأخ مشغول بملهيات الحياة، كجسد لا يحمل روحاً والبنت بكل مشاعرها ورغباتها في الحياة يجب أن تكون مجرد انعكاس لرغبات الأهل. لتكون بذلك “البنت السنعة”
أصبح الأهل بين نارين نار الرغبة في الأنفتاح وفي نفس الوقت الخوف من القبيلة والألقاب التى قد يجلبها لنا هذا التحرر. إلا أن هنالك فرق شاسع بين الحرية والتحرر، والقلة القليلة يمكنه التمييز بين الأثنين.

لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تستمر معاملة الفتاة كما السابق، لا يمكن للأهل أن يسعوا الي تدريس بناتهم في مدارس وجامعات مختلطة ويتوقعوا أن تستمر البنت لا تتحدث مع الشاب، ولا تتبادل معه المناقشات الثقافية، أن تبقى البنت حبيسة الغرفة لا تشارك في الفعاليات الثقافية الموجهه للفئة العمرية التى هي جزء منها. لو أخذنا احصائية بسيطة سنجد أن الفتيات اللاتي هربن من الدولة أو أحد الدول المجاورة هن فتيات ينحدرن من أشهر القبائل العربية التي يغلب عليها العرف والتقاليد والعادات حتى وإن كنا في عام ٢٠٢٠ فلا زال الجميع يمارس عادات الجاهلية في تربية الابناء والبنات.
لا زال الجميع يرحب بالأبن ويتجاهل البنت، هل تعلم ماهو الشعور الذي يولده هذا الأمر الشعور بالتجاهل الذي من شأنه أن يجعل الفرد يشعر بأن ما يفعله أو ما لا يفعله يقع على حد سواءأن العادات القبلية تتمحور حول عدد من الأمور يتم تقييمها من منظور “العيب” لا الدين، كأن تكون العلاقات التي يتمتع بها الشاب أمر مباح ومفخرة لدى البعض وفي المقابل نجد البنت جزء لا يتجزء من مفهوم “العيب”، ليصبح كل ما تريده يصب في منظور “العيب”; كإكمال الدراسة ، نوع الجامعة، نوع ومكان العمل. ونلاحظ أن أغلب هذه العوائل لا تتطرق كثيراً لمفهوم الدين، فالدين لديهم جزء من هذا العيب وليس أمر قائم بذاته. على النقيض نجد قله قليله من حالات الهروب لدى العوائل التي تركز على مبدأ الدين في التربية و جميع الممارسات مما يخلق جو من التساوي في المعاملة بين الأبن والبنت، فالأبن الذي لا يذهب للمسجد ولا يصوم يتم تهذيبه بنفس الطريقة التى تيم تهذيب البنت. في المقابل لا نجد تفكك كبير بين الأخ والأخت ليس هنالك حد فاصل بينهم بل يتشاركون الأحلام والطموح، الرغبات والمستقبل مما يجعل الفتاة جزء من هذه الأسرة وليس كائن معزول ينبغي مراقبته بشكل مستمر.

أن الأسرة المتماسكه هي عامود أي مجتمع وهذا التماسك إن كان مبني على الصلة والوصل التى حدث بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بهدف التقرب الي الله سيكون لها الأثر الكبير في الحياة الدنيا و الآخرة. ومن شأنها أن تكون أحد أهم الأمور في تماسك المجتمع الذي نسعى ونطالب به.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.