التصنيفات
الحياة عام

الرحلة أم الوجهة

ما الذي يبعث فيك الرغبة في أن تقوم برحلة ما؟ هل هي الرغبة في الاطلاع على مستجدات الحياة كأستكشاف أماكن و وجهات جديدة أم العثور على مكان للأستجمام. كلا الأمران لا يمكن لهما أن يكتملا بلا عنصر واحد وهو الرفقة، الحاجة الي شخص تتشارك معه الحياة على مستوى أخلاقي وفكري.

والأمر في هذا لا يقتصر على عنصر السفر بل يمتد لأشياء آخرى مثل الذهاب في رحلة بحرية قصيرة، أو لشراء بعض المقتضيات، أو الالتقاء لتناول كوب قهوة. أن جميع أمور الحياة لا يمكن أن نحياها كما نأمل من دون ذاك الصاحب الذي يقابلنا على الجانب الآخر من الطاولة. وأختيارك للرفيق ينعكس على باقي الرحلة فوجوده هو ما يقرر جمال الرحلة من رتابتها.

إلا أن أهم رحلة تحتاج الي اختيار رفيق فيها هي رحلة الحياة، الرحلة الممتدة بطول عمرك، وهي رحلة تمر بالعديد من العثرات والتغيرات لذا تحتاج لرفيق ليس كأي رفيق، بل تحتاج الي رفيق للروح ، لأن كل شي قابل للتجاوز إلا وحشة الروح وشعور الكسر الذي قد ينالها. ويحضرني شعور جلال الدين الرومي حين التقى للمرة الأولي بشمس التربيزي وشعوره بأن هنالك روح في جسد آخر تتشارك معه المشاعر والأحاسيس ولا يمكن أن نطلق عليها حباً أو عشقاً لأن العشق يكون بين امرأة ورجل وهذا الأمر لا ينطبق هنا، بل كان هنالك شيء لا يمكن أن تلامسه المادة الصرفة بل الشعور الموجود في أعمق نقطة في جسد الأنسان وهي الروح. حيث قال الرومي : ” “ما أجملك من شمس لا نهاية لها ..”.

وفي المقابل هنالك بعض الصحبات التي تجر المشقة على صاحبها كما حدث مع الأديب الأنجليزي أوسكار وايلد من سجن جراء تعرضه لفضيحة الشرف بالاضافة الي إعلان افلاسه بسبب العلاقة التي ربطته بصديقه ألفريد دوجلاس، والتى ذكرها كثيراً في رسائله المبعوثه من السجن وفحواها كله يتمثل في لوم نفسه على تلك الرفقة التي كانت سبب في تخلفه عن فنه وسبب في اعلان افلاسه نتيجة الزيادة الكبيرة في نفقاته. ومن ضمن الجمل التي ذكرها : ” لقد كانت هناك منذ البداية، ثغرة واسعة بيني وبينك، كنت كسولاً في مدرستك، و أسوأ من كسول في جامعتك، ولم تتمكن من إدراك أن الفنان الذي هو من نوع خاص، كما كنت أنا، يحتاج الى جو عقلي خاص، وصحبة فكرية، وعزلة ينعم فيها بالهدوء والأطمنان”.

أن الأصحاب عنصر أساسي في أي رحلة كما يحدث معك في بداية دخولك للجامعة، بعض الرفقة تتخلف عنك والبعض يستمر معك لا يعني هذا أن المتخلفون سيئون ولكنه يعني أن المرحلة القادمة لا يمكن لها أن تصلح وتنتهى في حال استمرار تشبثك بهم، فبعض العلاقات يمكننا أن نستمر فيها لكن هذا لا يعني أن نجعلهم أولوية في قرارات حياتنا. حيث أن تخلفهم لا يعني الفشل في حد ذاته بل قد يعني أنهم اختاروا طريقاً آخر للمضي في حياتهم.

أما في رحلة الحب، قد تختلف كافة الوجهات والرحلات وتبقى الروح عامل مشترك بين شخصان.

نقطة: و أني لأرى جمع الوجهات سيان متى ما شاركتني الرحلة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.