التصنيفات
عام

ستجازى على حسن النية

هل مررت بلحظة ما شعرت بها أنك لا تعلم الي أين أنت متجه؟ أن تكون في طريق لا تعلم الي أين قد يودي بك في النهاية ولكن بالرغم من ذلك تستمر في المضي قدماً لأن ليس لديك خيار آخر سوى التنفس والأستمرار بالتحرك. ذاك أن خيار التوقف غير موجود لدى كثير منا لكون حركتنا مرتبطة بالساعة التي خلقت معنا، فالساعة لا تتوقف وكذلك يوم أي انسان لا يتوقف إلا بموته أو سقوطه مغشياً عليه.

أن هذا النظام الذي نسير عليه والذي يحتاج لحركة مستمرة يتطلب في المقابل تلبيه عدد من الاحتياجات الغذائية والجسدية وكذلك النفسية والروحية، أن تكون مستقيظاً بمعدل ١٦ ساعة في اليوم أمر جلل سواء كان لك هدف سامي في حياتك أم كنت تعيش هذه الحياة بشكل عشوائي فالأمر سيان. فأنت لديك احتياجات غذائية يومية لابد لك من اتمامها بالاضافة الي رغبات جسدية تحاول تلبيتها منها ممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة، بالاضافة الي الاحتياجات النفسية والروحية التي يتجاهلها العديد منا ولكن لا يمكنك المضي قدماً دون أن توفرها لذاتك وقد تختلف استجابتنا لهذه الاحتياجات النفسية بأختلاف المواقف وضغوطات الحياة والأيام.، ولكن يجب أن نستجيب لأن عواقب عدم الاستجابة على فكرنا وروحنا قد تكون كبير. لذا نجد البعض يتجه لخلوه خاصة بعيداً عن الجميع فالشخص مهما كثرت ارتباطاته اليومية لابد أن يكون له لحظات خاصة، لحظات يحاول فيها التجاوز عن بعض الأمور المعلقة والتي تؤرق صبحه و مساه.

ويحضرني في هذا الموضوع قصة حدثت لأحد معارفي وهي أم لعائلة متوسطة الحجم قيل عنها بأنها لا تلبث أن تخرج و تتسوق وتمارس أنشطة أحياناً تكون بعيدة عن عائلتها ، وهو في عرفنا وعاداتنا للأسف أمرغير مقبول وكأن أي أم ماهي إلا أداه تربية مكلفة بالجلوس في المنزل طوال فترة حياتها للعناية بهولاء الابناء ولا يحق لها الخروج مع الأصدقاء أحياناً للتنفيس عن نفسها. فكان الاتهام الموجه لها يقول : ” هي أم مهملة دائمة الخروج !” ولكن لحظة هل قارنتي ساعات خروج هذه الأم مع ساعات وجودها مع ابنائها أم هو مجرد اتهام وكفى . أن تفسيري لهذه الممارسات بأنها تلبية لاحتياج نفسي و روحي للتنفيس عن الذات ومحاولة لملمة هذه الذات المبعثرة وارجاع الأمور لنصابها. فكل فرد منا يمر بأمور مماثلة منها ضغوط نفسية أو اجتماعية تحتاج منا أن نجابها ولا يمكننا مجابهتها و نحن مثقلين بكل تلك الضغوط لا بد لنا من التنفيس و أخراج هذه الضغوط من حياتنا سواء بزيارة صديقة والتحدث معها أو من خلال القيام بنزهة الي اخره من الانشطة التي ممكن أن تعيد لذاتنا نصابها.

وهو أمر شبيه لما كتبته الممثلة “ليف أولمن” في مذكراتها بقولها : “ضميري يعذبني لأني أم فاشلة لأني أم مقصرة; أشرب القهوة مع إحدي الجارات وأنتحل الأعذار لكل ما أفعل لأني أعرف أنها لن تفهم مطلقاً لماذا أجد ذلك مهم بالنسبة إلي”.

للأسف فالبعض يبدأ قصصة عن الآخرين بأفكار مستبقة عن نياتهم ورغباتهم من وراء الفعل هذا أو ذاك مما يستدعي المستمع للتسائل عن القدرة الجبارة لديهم لقراءة أفكار الآخرين وكأنهم امتلكوا فجاءة قدرة ميل جيبسون الخارقة في قراءة أفكار النساء في فيلمه “ما الذي تريده النساء”. فتتحول القصة أو “السالفة” من موضوع متسلسل الي تحليل لكل تصرف وتنباء بالمستقبل.

والأمر يستدعي للأستغراب مما أل اليه أمر المسلمين في مجتمعاتنا المنغلقة والتي تبحث عن المعلومة الجديدة على حساب المصداقية ، بل أن أصحاب التأويلات يجدون العديد من المستعمين وأصحاب التأييد لهكذا قصص. متناسين أن لكل شخص نية لا يعلمها إلا هو ومن خلقه ومهما تحدثنا تبقى أحاديثاً مجرد تأويلات لا تغذي ولا تسمن من جوع بل تزيد من حجم الغيبة التي يقع بها المتحدث.

سيئ النية يجد دوما أسبابا سيئة للأعمال الحسنة
توماس فولر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.